السبت، 7 مايو 2011

المخالفات الإسرائيلية في القانون الدولي الإنساني

جاءت قواعد القانون الدولي لتعمل على تنظيم مختلف أشكال العلاقات بين دول العالم سياسيا وجغرافيا واقتصاديا وإنسانيا وعسكريا وغيرها. من هذا المنطلق كان لابد من اتخاذ أساس يبنى عليه قواعد خاصة لتنظيم المجتمع الدولي وأساسيات مميزة ينفرد بها هذا الفرع من القانون، وذلك لخصوصية ما ينظمه ويحكمه من مبادئ وأطراف. وبهذا انبثق دور المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وكان لها الدور الأكبر في حكم تلك العلاقات وتنظيمها.
تلعب الدول الأطراف في تلك الاتفاقيات خاصة وباقي دول العالم عامة الدور الرئيس في تحقيق الأهداف التي من أجلها تم وضع قواعد هذا القانون، فجاءت مجموعة من المبادئ الدولية الهامة والتي منها حسن النية والمعاملة بالمثل واحترام سيادات الدول لتعمل على إرساء أسس التعاون والاحترام المتبادل لكل الدول والشعوب.
إلا أن هذه المثالية التي ينادي بها القانون الدولي سرعان ما تتلاشى أمام موازين القوى الدولية ومكاييل الحكومات المؤثرة في المجتمع الدولي، وليس أدل على ذلك من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. هنا لا بدّ من الإشارة إلى إن الصيغ القانونية والسياسية تناسب كل الدول سواء كانت كبيرة أم صغيرة، وتساوت الدول والشعوب في تلك الصيغ، ورغم معرفتنا أن هيئة الأمم المتحدة تم تشكيلها من قبل الدول العظمى، وبالطبع تتناسب ومصالح هذه الدول وتقسيماتها للعالم، إلا أن ميثاق الأمم المتحدة بصيغته الحالية يناسب الدول كافة، لكن وبعد الحرب الباردة بدأت الدول العظمى تختار ما يناسبها من القوانين والمعاهدات، وتطبق ما يتناسب مع مصالحها، وترفض ما يتناقض وذلك.
ويجري تطبيق القانون على الدول الضعيفة فقط.. وهنا يظهر ما تطبقه إسرائيل من هذه القرارات والقوانين، وإذا اعتبرنا أن إسرائيل لم تطبق (40) قراراً لمجلس الأمن وأكثر من (600) قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يؤكد أن القانون يُطبَّق على الضعيف فقط. لقد تجاوزت إسرائيل القانون الدولي، وأشعرت العالم كله أنها فوق القانون، فكان هذا المقال لنرى إلى أي مدى وصلت هذه الدولة في مخالفتها الصريحة والواضحة وذلك في واحد من أهم فروع القانون الدولي وهو القانون الدولي الإنساني.
القانون الدولي الإنساني: وهو (وهو مجموعة من القواعد الدولية العرفية والمكتوبة التي تهدف إلى حماية المحاربين والمدنيين أثناء النزاعات المسلحة ). وقد تأثر القانون الدولي الإنساني بالاتفاقيات والمواثيق الدولية مثل.. ( الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ـ الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان ). ولعل أبرز الاتفاقيات التي نرى طرحها في إطار مخالفات إسرائيل لها الآتي:
1.     اتفاقيات لاهاي لعام 1907 واللوائح المرفقة لها.
2.     اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولات المرفقة لها عام 1977:
·        الاتفاقية الأولى: اتفاقية جنيف لتحسين حال الجرحى والمرضى في القوات المسلحة في الميدان.
·        الاتفاقية الثانية: اتفاقية جنيف لتحسين حال جرحى ومرضى القوات المسلحة في البحار.
·        الاتفاقية الثالثة: اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب.
·        الاتفاقية الرابعة: اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.
ونرى بوضوح المخالفات الفجّة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي تتناقض وهذه الاتفاقيات الأربع مما يدعو إلى التوجه إلى محكمة العدل الدولية، وإلى العديد من المحاكم الجنائية الدولية المختلفة، فاتفاقيات جنيف الأولى والثانية نصتا على توفير معاملة إنسانية للمقاتلين والجرحى والمرضى والمنكوبين في البحار والطواقم الطبية في الميدان. أما الاتفاقية الثالثة فنصّت على حماية أسرى الحرب، غير أن إسرائيل استهدفت المقاومين والجرحى في سيارات الإسعاف والمستشفيات وقرب معبر رفح، واستهدفت الأطقم الطبية والمسعفين في الميدان، وليس ذلك فحسب بل تحاكم المقاومين الأسرى بتهم الإرهاب، ولا تعتبرهم أسرى خلافاً للاتفاقية الثالثة، وقد قتلت بعضهم دون محاكمة. أما اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في وقف الحرب فتعنى بإلزام الأطراف المتحاربة بالحفاظ على حياة المدنيين غير المقاتلين، وكرامتهم وممتلكاتهم أثناء النزاعات المسلحة بين الدول والأقاليم المتحدة، وهو ما خالفته غسرائيل وما زالت تخالفه إلى الآن في غزة ومعبر رفح ورام الله وغيرها. ومن المعروف أن اتفاقيتي لاهاي وجنيف ملزِمتان لجميع الدول سواء صادقت ووقّعت عليها أم لا، لأنهما تجسدان القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني العرفي في جميع جوانبهما ذات الصلة، إلا أن إسرائيل تنصلت من هذه الاتفاقيتان بحجة أنهما غير منصوص عليهما في قانونهما الداخلي!!
ناهيك عن الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في حربها على غزة، وهو ما عرفه القانون الدولي في الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والعدوان، والنوع الآخر هو الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة والذي ما زال قائما إلى الآن، ووضع أكثر من مليون ونصف إنسان في حصار أشبه بالسجن الكبير وفيما بعد إطلاق النار عليهم بكل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً وتحويلهم إلى حقل تجارب لأنواع جديدة من الأسلحة!
3.     اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1980 بشأن حظر أو تقييد بعض الأسلحة التقليدية الخاصة بقواعد القانون الدولي والإنساني:
فلقد تنكرت إسرائيل سابقاً -وما زالت- لقرارات مجلس الأمن لاسيما القرار رقم (242) لسنة 1967، الذي ينص على عدم جواز احتلال الأراضي بالقوة وعلى وجوب الانسحاب من الأراضي المحتلة في نزاع عام 1967، وهو ما جاء في القرارين (338) لسنة 1973 أو (1397) لسنة 2003 الصادرين عن مجلس الأمن، والعديد العديد من القرارات ذات الصلة.
4.     النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية:
إن الحصار والاعتداءات الإسرائيلية العسكرية تمثل جرائم وردت في المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (الذي تم صياغته في 17 تموز/يوليو 1998) وهي جريمة الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، جرائم العدوان. لقد حولت إسرائيل قطاع غزة إلى حقل تجارب لأسلحة وذخائر جديدة، تستهدف الإبادة والقتل الأكيد.
وليس ذلك سوى قطرة من بحر المخالفات الإسرائيلية والانتهاكات الصهيونية لقواعد القانون الدولي.



رشاء محمد خلفان العبدلي
قانون شامل
راجعه الدكتور: نبهان المعولي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق