السبت، 7 مايو 2011

عذرا لم تعد مالكا.

عذرا لم تعد مالكا..
ان ما نلحظه اليوم في بعض من مناطق السلطنة من مظاهر أصبحنا نعايشها بطريقة تكاد لا تخفي على الكثير منا، وهي أن بعض المواطنين يعمدون إلى التوسع في الأراضي الفضاء من خلال ما يدعونه بأن الأرض موروث للأجداد.
وغالبا ما نجدهم يضعون الأسوار، والأسلاك الشائكة أو يقومون بالزراعة على الأرض. فهل هذا التصرف مشروع قانونا؟؟ وهل هي وسيلة لكل من تعوزه الحاجة للحصول على أرض يتملكها بعد ذلك؟؟ وما موقف القانون من هذه الظاهرة؟؟
كما نعلم أن القانون يهدف دائما إلى تنظيم علاقات الأفراد وخلق التوازن بينهم، فكيف سنوازن بين الأفراد في مثل هذه الأحوال.
وعليه لو أن الشخص المالك ترك أرض ولم يمارس عليها أية سلطات، أو أي مظاهر تفيد انه مالكا لتلك الأرض لمدة طويلة من الزمن وجاء أحد الأشخاص ومارس سلطاته على تلك الأرض بحيث استغلها قاصدا من وراء ذلك التملك لها ولمدة طويلة من الزمن، وبعد فترة جاء المالك الحقيقي للأرض يطالب بمغادرة هذا الشخص وعدم مباشرته أي نشاط على هذه الأرض؟؟
ان التعامل مع هذه الوقائع الواسعة الإنتشار حاليا تقودنا إلى التساؤل عما اذا كان هناك مجال للتملك غير الذي أعتدنا عليها كالبيع والإرث ....الخ
ان ضرورات الحياة ورغبة المشرع في ايجاد التوزان واستقرار المعاملات بين الأفراد، قد أوجد نظام غير طبيعي للتملك وهو الحيازة. والذي يعرف على انه وضع الشخص يده على مال مادي غير مملوك له ممارسا عليه كافة سلطاته الفعلية ظاهرا بمظهر المال الحقيقي وقاصدا من وراء ذلك التملك.
وهو ما يعني أن الشخص قد يتملك أرضا زرع فيها واستغلها فترة مستمرة وطويلة من الزمن متى توافرت في الحيازة الشروط القانونية والواقعية التي أقرها القانون.
 وحتى تقوم الحيازة القانونية يستوجب القانون توافر ركن مادي المتمثل في وضع اليد والممارسة على ذلك المال، وركن معنوي وهو نية التملك.
وهذا لايتحقق إلا اذا كانت الحيازة هادئة بعيدة عن أي عنف أ واكراه أو غصب لذلك المال جبرا عن ارادة المالك الحقيقي.
كما تمارس بطريقة ظاهرة واضحة للعيان وخاصة المالك، بمعنى أن لا يمارس الحائز سلطاته على ذلك المال بطريق خفية.
بجانب اشترط القانون لقيام الحيازة القانونية نية التملك، فلو كان الشخص يقصد ممن حيازته الحصول على ثمار الأرض التي زرعها لن نكون بصدد حيازة قانونية لغياب هذا الشرط الهام.


وقد أقرت أغلب التشريعات الحيازة بناء على التقادم واختلفت في المدد
وللحيازة القانونية  وفقا لقاانون العماني عدة أنواع تتمثل:
الحيازة بناء على التقادم الطويل ومدته 15 سنة.
الحيازة بناء على التقادم الأطول ومدته 36 سنة.
الحيازة بناء على التقادم القصير ومدته 10 سنة.
وتتشابه كل الأنواع السابقة في أثرها المكسب للملكية وتختلف في أمور بسيطة تتمثل في الآتي:
*في المدد التي وضحتنها سابقا شرط ان تكون مدة الحيازة مستمرة ومتواصلة
*في محل الحيازة ففي التقادم الطويل محلها العقارات الغير مسجلة والمنقولات،أما في التقادم الأطول في العقارات الموقوفة وقفا أهليا(أي القاصرة في منفعتها على ذوي المالك فقط)، أما في التقادم القصير فالمحل هو العقارات الغير مسجلة.
اضافة الى انه يستوجب في التقادم القصير ان يكون الشخص حسن النية عند ممارسة سلطاته على المال وهذا لا يشترط في الأنواع السابقة، ويضاف انه يجب ان يكون مبنيا على سبب  أو تصرف صحيح صادر من غير المالك الحقيقي شأنه ينقل الملكية مثل لو بيع له ذلك المال..
لو توافرت أركان الحيازة وشروطها جاز للحائز أن يسجل ذلك المال باسمه ويكون مالكا لذلك المال بشكل قانوني، ولا يجوز للمالك الحقيقي أن يدفع بأن تصرف هذا الأخير باطل أو غير نافذ في حقه لكون من حق الحائز ان يتمسك بفوات المدة المانعة من سماع الدعوى.
 ما يجب أن تعيه أيها الساعي الى التملك أن نظام الحيازة نظام تملك غير عادي وجد لهدف استقرار المعاملات يتعارض مع الأخلاق والضمير الإنساني الحي قد يستغله غيرك في تملك مالك الذي قد أهمله أو لم تبادر بتسجيله، لذا عليك الحيطة في وجوب تسجيل عقارك واستعمال منقولاتك قبل ان تسمع عذرا  أنك لم تعد مالكا ؟؟؟


فاطمة علي عبدالله المعمري.
كلية الحقوق. قانون شامل
راجعه: د. مصطفى موسى أبو مندور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق